الخير ووسائل الخيـر ونتائجه |
في المقال السابق يا أحبائي : تكلمنا عن الخير والعمل الخير والإنسان الخير ونكمل هذا الموضوع بكلمة بسيطة عن الخير وعن وسائله أيضاً ، قلنا من قبل إن الخير لابد أن يكون في ذاته وخيراً في هدفه وخيراً في وسيلته وبقدر الإمكان يكون خيراً في نتيجته
+ يا أحبائي : نتكلم عن الخير بمعناه النسبي فقط أقصد بالنسبة إلى ما نستطيع إدراكه من الخير وما نستطيع عمله من الخير وأقصد الخير بقدر فهمنا البشرى له وبقدر طاقتنا المحدودة في ممارسته
+ لذلك فالإنسان الخير يعمل باستمرار على توسيع طاقاته في عمل الخير ولا يرضى عن الخير الذي يعمله من أجل اتجاهه نحو خير أكبر وفى اشتياقه نحو اللامحدود يشعر في أعماقه بأن هناك آفاقاً في الخير أبعد بكثير وأوسع مما يفهمه حالياً
+ وربما بعدما نخلع هذا الجسد المادي وندخل في عالم الروح سننظر إلى ما عملناه قبلاً من خير فندوب خجلاً ونتواري منه فكم بالأولى ما قد ارتكبناه من شر
+ لهذا فإن مستوى الخير عند القديسين أعلى من مستواه عند البشر العاديين ومستوى الخير عند الملائكة أعلى بكثير من مستواه عند البشر أجمعين أما مستواه عند الله فإنه غير محدود وغير مدرك حقاً ما أعجب قول الكتاب عن الله إن السماء ليست طاهرة قدامه وإلى ملائكته ينسب حماقة
+ إن الله هو صاحب الخير المطلق وأعمالنا تعتبر خيراً بقدر ما تدخل فيها يد الله وبقدر ما نسلم إرادتنا لمشيئة الله الصالحة فيعمل الله فينا ويعمل الله بنا ويعمل الله معنا ونكون نحن مجرد أدوات في يد الله الكلية الحكمة والكلية القداسة
+ وبقدر بعدنا عن الله نبعد عن الخير يبعد الإنسان عن الخير عندما يعلن استقلاله عن الله عندما يرفض أن يقود الله حياته وعندما تبدأ إرادته البشرية أن تعمل منفردة
أما القديسون فإنهم يحيون حياة التسليم الكامل لعمل الله فيهم هؤلاء لا تكون عليهم دينونه في اليوم الأخيروكأن كلا منهم يقول للرب على آي شيء تحاكمني يا رب وأنا من ذاتي لم أعمل شيئاً كل شيء بك كان وبغيرك لم يكن شيء مما كان فيك كانت حياتي وفى يدك استسلمت ارادتى
حياة الخير إذن هي حياة التسليم
+ هي الحياة التي فيها يسلم الإنسان نفسه لله كل فكره وكل مشاعره وكل إرادته وكل عمله فإذا ما فكر يكون له فكر الله وإذا عمل فإنما يعمل ما يريده الله أو ما يعمله الله بواسطته
+ فهل أعمالك هي أعمال الله أم هي أعمال بشرية قابلة لزلل والخطأ والسقوط
والخير كالماء دائماً يمشى ولا يقف و إن وقف أصابه الركود
+ لذلك فالخير باستمرار يمتد إلى قدام وينمو ويكبر وباستمرار يتحرك نحو الناس ونحو الله لا يتوقف وينتظر مجيء الناس إليه يخطبون وده . بل هو يتجه إليهم ويذهب دون أن يطلبوه ولأنه الخير لذلك فيه عنصر المبادرة
+ والخير فيه لذه حتى إن كان مملوءاً آلاما فآلامه حلوة تريح القلب ويجد الإنسان فيها عزاءاً والخير لا يشترك إطلاقاً مع الشر لأنه أية شركة للنور مع الظلمة
لذلك نحن لا نوافق إطلاقاً على المبدأ المكيافيللى القائل بأن الغاية تبرر الوسيله آي أن للغاية الخيرة يمكن أن تكون تبريراً للوسيله الخاطئة . إن وسيلة الخير ينبغي آن تكون خيراً مثله والخير لا يقبل وسيلة شريرة توصل إليه إذآ كيف يجتمع الضدان معاً
+ فالذي يلجأ إلي الكذب لينقذ إنساناً والذي يلجا إلي القسوة والعنف لكي ينشر بهما الحق أو ما يظنه حقاً والذي يلجأ إلي الرشوة لكي يحقق لنفسه خيراً والذي يلجأ إلي الإجهاض لكي ينقذ فتاة وكل أولئك استخدموا وسائل شريرة لكي يصلوا بها إلي الخير أو ما يظنونه خيراً
+ ولكن لعل البعض يسأل ماذا نفعل إذن إن كنا مضطرين إلي هذه الوسائل
أقول إن هذه كلها وسائل سهلة وسريعة يلجأ إليها الإنسان تلقائيآ دون آن يحاول أن يبذل مجهوداً للوصول إلي الخير دون أن يبذل تضحية ودون أن يتعب أو يحتمل
فالكذب مثلاً حل سريع وسهل أما الإنسان الحكيم الخير فإنه يفكر ويجهد ذهنه بعيداً عن هذه الوسيلة ويقيناً أنه سيصل إلي وسيلة أخرى تريح ضميره . كذلك العنف والقسوة كلاهما حل سهل يلجأ إليه إنسان لا يريد أن يتعب في الوصول إلي حل أخر وديع ولطيف إن الخير يريدك أن تتعب لأجله
+ ولا تلجأ إلي الحلول السهلة السريعة الخاطئة وبمقدار تعبك من أجل الخير تكون مكافأتك عند الله وبهذا المقياس تقاس خيريتك إن الحل السهل أو التصرف السهل يستطيعه كل إنسان أما الذي يكد ويتعب للوصول إلي تصرف سليم فإنه يدل على سلامة ضميره وحبه للخير
+ قال السيد المسيح له المجد أدخلوا من الباب الضيق لأنه واسع هو الباب ورحب هو الطريق الذي يؤدي إلي الهلاك وكثيرون يدخلون منه ما أضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي علي الحياة وقليلون هم الذين يجدونه
+ إذن ينبغي أن تتعب من أجل الخير وينبغى أن تجد لذة في هذا التعب عليك أيضاً أن تـفحص الوسائل التي تستخدمها للوصول إلى الخير وتتأكد من أنها وسائل خيرة لأن هناك طرقاً رديئة قد يسلكها البعض من أجل محبتهم للخير وكما قال البعض كم من جرائم قد ارتكبت باسم الفضيلة
+ إن الشيطان عندما يفشل في إقناعك بطريق الشر ويجدك مصراً على طريق الخير حينئذ يقول لك خذني معك وهكذا قد تسير في طريق الخير ويسير معك الشيطان ويرشدك في الطريق ويوجهك ويقدم لك الوسائل والخطط والحلول والشيطان حينما يفقد السيطرة على الهدف أو على نوع العمل قد يقنعك بالسيطرة على الوسيلة
+ فلا تترك للشيطان شيئاً فيك ولا تدخله معك في خططك ومشروعاتك الخيرة ولا تجعله يكسب أية جولة في صراعه معك واطلب من الله أن تكون نتائج عملك خيراً أيضاً ولا شك أنك قد لا تستطيع أحياناً أن تتحكم في النتائج وقد تتدخل في الأمر عوامل شريرة خارجة عن إرادتك محاولة أن تفسد نتائج مجهوداتك الخيرة ، إنك كما تجاهد بكل قوتك في أن تعمل الخير كذلك فإن الشيطان يعمل بكل قوته لكيما يعرقل عملك ولكن لا تيأس لأن الله موجود ................
لهذا قلت إن العمل الخير تكون نتائجه بقدر الإمكان خيراً أيضاً
تابعــــــــــــــــوني
أذكــــــــــــــــروني فـــي صلواتكـــــم
Ayad Hizene
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق