الأربعاء، 3 مايو 2017

​مشكلة الزواج المعاصر

​مشكلة الزواج المعاصر

​مشكلة الزواج المعاصر

​مشكلة الزواج المعاصر


روما- مع استمرار انعقاد السينودس من أجل العائلة، يطرح الكاثوليك من حول العالم سلسلة من الأسئلة على أنفسهم: ما الذي قد يُساعد على تعزيز استقرار العائلة؟ هل من وسائل اخرى لتوضيح المعنى الحقيقي للزواج والجنس في عالمٍ يعتبر هذَين الأمرَين منفذاً لتحقيق الرضى الشخصي؟
إن المشاكل معروفة وواضحة فنحن نعيش في عالمٍ أصبح فيه تشتت العائلة هو القاعدة لا الاستثناء. فالطلاق منتشر ومعدلات الولادات الى تراجع وعددٌ متزايدٌ من الناس يشعر بالوحدة. وتنبت الاقتراحات الجديدة حول كيفية “تجديد” نموذج العائلة من كل حدبٍ وصوب وبالتالي، ليس من المستغرب ان يشعر شباب اليوم بالارتباك والضياع في ما يتعلق بتكوين الأسرة والزواج.
وركزت العديد من هذه النقاشات على المزايا النسبية للنهج “الرعوية” مع تأكيد الكرسي الرسولي رغبته في الوصول الى الكاثوليك الضالين. كما واعتبر البعض ان اللغة التي تستخدمها الكنيسة للتحدث عن الزواج والجنس غالباً ما تؤدي الى نفور المؤمنين وتبدو بالنسبة للكاثوليك المعاصرين وكأنها من مخلفات عالمٍ آخر.
لا يُشكك أحد في ضرورة تبشير الكاثوليك الضالين. ففي عالمٍ ضائع تماماً في متاهات الزواج، نحتاج الى الطاقة والابتكار لنشر الحقيقة. فلنحاول البحث عن وسائل أفضل لبلورة تعاليم الكنيسة حول الزواج ولنقل هذه التعاليم. ومن المهم أيضاً التشديد على أهمية التعاطف مع من ضلوا الطريق مدركين ان ذلك بالأمر السهل في عالمٍ يسخر صراحةً من الحياة الزوجية.
وفي الوقت نفسه، من المهم عدم تمييع الخط الفاصل بين المسامحة واختلاق الأعذار. لطالما كانت تعاليم المسيح حول الزواج صعبة وهي أصعب اليوم نظراً لمدى تعارض الكاثوليكية مع الثقافة السائدة. إلا ان الكنيسة تضطلع بمسؤولية نقل الحقيقة في كل زمن خاصةً عندما يحاول الآخرين بكل قواهم طمسها.
ودائماً ما سيكون لتكريس الارتباك باسم الرحمة تابعات سلبية. ولا يجب ان نقع في خطأ التفكير ان التعاليم الكاثوليكية حول الزواج مهمة بالنسبة إلينا لمجرد كونها تقليدية. إنها مهمة لأنها تسمح لنا بتنظيم حياتنا كما ينبغي والمحافظة على خيرنا وخير احبائنا المحيطين بنا. وتعتبر الأخلاقيات الجنسية كما أشار البابا القديس يوحنا بولس الثاني في كتابه “حب ومسؤولية” دراسة فعلية لكيفية محبة الىخرين بمسؤولية.
عندما يفشل الناس في تبني هذه الحقائق حول الزواج والجنس، ينتهي بهم المطاف في ايذاء الآخرين ما يُجلب لهم العار ويُروعهم. لطالما تضمنت مهمة الكنيسة حماية البريء من الإصابة وتتمحور نقاشات هذا السينودس على وجه التحديد حول هذه المهمة.
قد يكون من المفيد للكنيسة تغيير بعض المصطلحات والجمل للتبشير بالحقيقة بفعالية. ومع ذلك، يبدو لي ان المشكلة الحقيقية ذات الصلة بالزواج المعاصر ليست باللغوية ولا يمكن لبعض التعديلات اللغوية حلها فالمشكلة تكمن في عدم رغبة المرء في “الالتزام تماماً” عندما يُغرم. فهو يبحث دائماً عن وسائل للمفاوضة حول علاقاته الغرامية لضمان المزيد من المكاسب الشخصية.
عند التحدث عن الزواج مع تلاميذي، دائماً ما يحبطني عدد الأشخاص الذين يوافقون على انه من الواجب ابطال الزواج في حال شعر أحد الشريكَين انه غير سعيد أو راضٍ. وبحسب خبرتي، يجد عدد كبير من الشباب صعوبةً في تعريف الزواج إلا انهم قادرين على التفسير بالتفصيل ما الذي يأملون الحصول عليه من خلال الزواج. فهم يعتبرون في الواقع الزواج فرصةً للتفاوض حول “رزمة فوائد ومنافع مفصلة حسب القياس” مع علمهم انه يتوجب عليهم المساهمة بطريقةٍ ما في الإتفاق إلا أنه من الواجب ان يكون اتفاقاً يصبب في نهاية المطاف في مصلحتهم. ويشعر عدد كبير من الشباب ان خسارة القيم الزوجية التقليدية هو مجالٌ يفتح الباب واسعاً أمام مزيدٍ من الحرية فيكون الزواج على الصورة التي يريدون. ويؤدي ذلك اتاحة كلّ الاحتمالات الممكنة، لذلك بات بالنسبة لهم القلق بشأن “الاحتجاز” في هيكلية أسرية يجدونها تحد من حريتهم وراحتهم غير مطروحة.
ومن المشاكل التي تسببها هذه المقاربة هي انها تتجاهل حقائق اساسية حول طبيعة الانسان التي لاطالما تأثرت بالقيم التقليدية المرتبطة بالزواج والجنس. إلا أن لهذا النموذج مشكلة أخرى، أكثر خطورة بعد، فمن خلال تحويل الزواج الى تفاوض حول الشروط والفوائد، نطيح بالفرصة التي يتيحها لنا والمتمحورة حول بذل الذات. فيفترض نموذج العلاقات الجديد ضمنياً ان الازواج يتزوجون تحقيقاً لمصالح شخصية وهذا واقعٌ محزنٌ جداً ولا انساني وما دمنا غير قادرين على استعراض هذا الواقع ومعالجته، لن ينتهي البؤس البشري الناتج عن اختلال علاقاتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق